الثلاثاء، 22 أبريل 2014

و صَارَ لي ملفٌ عِند أمْن الدَوْلة .. (1)

قُمت صباح يوم الأربعاء في السادس عشر من إبريل على صوت صديقي مصطفى قائلاَ : قُم يا حُذيفة ، ستبدأ مظاهرات الجامعة  ..نفضت عني غبار النوم أذوب شوقا للذهاب حيث جامعة الشهداء -جامعة الأزهر- لم تكن نيتي الذهاب للتظاهر هناك بقدر ما كانت مزارًا لحرية خُطًٌت بدماء شهداء على أرض حرم هذه الجامعة الحبيبة .. قُمتُ وقَام معي براء .. نُعِد عُدتنا ونستعد للمواجهة .. دخلت الجامعة .. وأشار لي براء وقال : هُنا سقط الشهيد عبد الغني ، فقاطعته : بل هنا ارتقى الشهيد عبد الغني .. وهنا ارتقى عبد الله وهنا ارتقى فلان وهنا وهناك .. الشهادة ارتقاء ، ليست سُقوط !!
حتى كاد قلبي أن ينخلع من بين أضلاعِه من كثرة شهدائهم .. بدأنا مظاهرتنا ومسيرتنا و ضُربنا مرتين .. وأُصيب من أًصيب و انتهت المظاهرة .. وتشتت القوم حتى يختلف الأمن فينا .. ثم قلت لرفيقي براء : لم أدخل رابعتي منذ الفض .. فهل لي أن أدخل ميداني أرى فقط مكان خيمتي .. أرى أين كنت أنام أين أُصِبت أين هتفت أين أكلت ...

فتوجهنا إلى رابعة العدوية .. ومررت بالمنصة وتذكرت أحداثها والتي كانت في السابع والعشرين من يوليو .. تذكرت ال 200 شهيد ومن بينهم الحبيب أنس الجندي وال 4000 مصاب الذي كُنت أنا واحد من بينهم حينها .. لم أنس يوما شكل الظابط الذي أصابني .. لم أنس أبدا القناصة الموجودين على أسطح جامعة الأزهر لم أنس أشكال البلطجية كلابهم ..لم أنس أبدا الطلقة التي أخطأتني واستقرت في رأس الرجل أمامي ..لم أنس ولن أنس أبدا أنا حملنا أمخاخ أُناس مثلنا :'(

مررت ووقفت ولم أستطع المضي قُدُمًا بحذائي .. فإذا ذَكرتَ رابعة ففي كُل بُقعة شهيد أو مصاب .. وأنى لي أن أدوس بحذائي على دماء طاهرة رَوَت أرض العزة والكرامة ..

إنها رااااابعة " اِخلَع نِعَالَك قَبلَ وَطْءِ تُرَابِهَا ، فَتُرَاب رَابْعَةَ مِنْ رُفَاتِ شَبَابِها "



خلعت نعالي وخلع براء :) وتوجهنا إلى ميداننا الحبيب .. أسْتَرِقُ النظر إلى مكان ارتقاء أسماء .. والشهيد أبوعبيدة وأشرت إلى حيث كانت خيمتي أمام عمارة المنايفة -آخر خط صمود- وكيف ارتقى هناك الشهيد مصطفى سيد وغيرهم وغيرهم .. وتسمرت أمام مسجدي الذي طالما أسندت ظهري على أعمدته وقرأت مع والدي في مصحفي ^^

لم يكن محروقا كما آخر مرة شاهدته فيها فقد طمسوا كُل آثار جرائمهم إلا مِن قلوبنا .. وقفت وفمي مفتوحا .. ومرَ عليً كل لحظة عِشْتُها في هذا المكان الطاهر  .. كنت أنظر إلى براء وهو ينظر إلي ولا ننطق فقط نُطْلِقُ لخيالنا التذكٌر ولأعيننا البكاء ونحن نحمل أحذيتنا بأيدينا التي طالما رُفعت بإشارة إلى هذا المكان المُغْتَصَب .. لمْ بمن حولنا ولا بم يدور و من يتكلم ومن ينظُر .. فقط أهمنا أننا دخلنا رابعة .. حتى إذا بدأنا التحرك وجدت رجلين علِمتُ بعدها أنهم مخبرين غمزا وأومأا برأسيهما إلى4 من الظباط قادمين نحونا مع 3 مخبرين غيرهم .. فعلمت أنا قد علقنا .. فتبسمت لبراء و قال لي : مبسوط معانا :D

أخذوا منا كُل شيء .. المحافظ الموبايلات وسماعاتها وحتى المناديل و نقودنا وصفارتي وكل شيء ..وقادونا إلى شرطة رابعة .. إلى ساحة المسجد نفسه .. حيث كانت مكاتبهم .. يا الله !!!

يا لوقاحتكم ، اقتحمتم ميداننا و أحرقتم مسجدنا والآن تتخذونه معسكرا لكم .. ما أبشع قلوبكم إن كانت عندكم !!
ودار التحقيق ونحن في المسجد ..

انتظروا الجزء الثاني ..